الشافعي وخواطره


كلمات
" من ينشط منكم لجمع الصّحيح "
قالها اسحاق بن راهويه في أحدث مجالس الحديث
يقول البخاريّ : فوقع ذلك في قلبي !

دلّ على الخير ولو لم تفعله
وهذا دين " الدّال على الخير كفاعله "
قد يكون لديك الرؤية وليس لديك الإمكانات
ضع رؤيتك عند من لديه الإمكانات وليس لديه الرؤية
من ينشط لجمع الصّحيح أصابت قلباً
فكان صحيح البخاريّ
ودعوة " اللهم أعزّ الإسلام بأحبّ العمرين إليك "
أصابت قلب عمر فكان الفاروق
" وليبلّغ الحاضر منكم الغائب فربّ مبلّغ أوعى من سامع "
جلبت طاقات غائبة ليست لدى الحاضرين
وهناك متّسع للجميع كلّ في مجاله
الدّين الذي قال فيه صاحبه صلى الله عليه وسلم
" واللهِ لأشفينَ وساوسهم بخالد بن الوليد "
لم يستغنِ عن شعر حسّان بن ثابت رضي الله عنه
فقال له صاحبه : " اهجهم وروح القدس معك "
الرّأي يُوجّه السّيف
والسّيف يحمي الرّأي
والشّعر يُنافح عن دعوة
والدّعوة تُهذّب الشّعر
.
.
كان الشّافعيّ في بداية حياته مهتمّاً بالشّعر
فتمثّل بيتاً ذات مرّة
فقال له كاتب مصعب الزّبيريّ :
أين أنتَ من الفقه ؟!
فوقع ذلك في قلب الشّافعيّ وصار ما صار
الكلمة الطّيبة صدقة
والنّاس لكلمةٍ طيّبة أحوج منهم إلى رغيف
لأنّ الرّغيف يسدُّ جوع معدة
والكلمة تسدُّ جوع عقل وقلب !
ناظر ابن عباسٍ رضي الله عنه الخوارج
فرجع منهم ثلاثة آلاف !
فلا تستهن بالكلمات
الكلمات تُغيّر مسار جيوش
وتضع أقداماً على الطّريق الصّحيح
ومعجزة النبيّ صلى الله عليه وسلم لم تكن عصا موسى عليه السّلام إذ تصير حيّة
ولم تكن يده إذ يضمّها إلى جناحه فتخرج بيضاء للناظرين !
وإنما كانت كلمات !
كلمات فتحت قلوبا
وهذّبتْ سيوفاً
وحوّلتْ أمّة متصارعة على الكلأ والماء إلى قيادة البشريّة !
.
.
" إنّ خطّك يُشبه خطّ المُحدّثين "
قالها الإمام البرزاليّ للذهبيّ
يقول الذّهبيّ : فحبب الله إليّ الحديث !
قد تنسى كلمة قلتها ولكنّ غيرك لا ينساها
الكلمة الطّيبة كالماء إذا وقعتْ في أرضٍ طيّبة أنبتت !
كتب كثيرة أُلّفتْ لأن أحداً قال من يُؤلّفها !
وشجر كثير زُرع لأنّ أحداً قال من يزرعه !
وآبار كثيرة حُفرتْ لأنّ أحداً قال من يحفرها !
وطرقٌ كثيرة شُقّت لأنّ أحداً قال من يشقّها !
وهذا القرآن كان نُتفاً هنا وهناك
بعضه على الجريد وبعضه على سعف النخل وبعضه على حجارة
وكلّه في صدور الرّجال !
فما زال عمر رضي الله عنه بأبي بكر رضي الله عنه حتى جمعه جمعته الأولى
ولما جاء حذيفة بن اليمان رضي الله عنه من أذربيجان
إلى عثمان رضي الله عنه قائلاً :
أدرك المسلمين لا يختلفون في القرآن اختلاف اليهود والنّصارى في التوراة والإنجيل
حتّى هبّ يجمعه
فصار المصحف الذي بين أيدينا الآن !
هناك من يرى الخير وهناك من يفعله
فإذا رأيته وعجزت عنه فدّل عليه
كان أحمد بن حنبل كثيراً ما يقول :
اللهم ارحم أبا الهيثم، اللهم اغفر لأبي الهيثم !
فسأله ابنه عبد الله : من أبو الهيثم يا أبتِ ؟!
فقال له : رجلٌ لا أعرفه !
ولكنّهم يوم وضعوني في الزنزانة ليلة الجلد كانت مظلمة لا أرى فيها اصبعي
وكزني رجل وقال : أأنتَ أحمد بن حنبل ؟!
قلت : نعم
قال : أتعرفني ؟
قلتُ : لا
فقال : أنا أبو الهيثم اللصّ، شارب الخمر، وقاطع الطّريق
مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني جُلدتُ ثمانية عشر ألف جلدة متفرّقة
وقد احتملتُ هذا في سبيل الشّيطان
فاصبر أنتَ في سبيل الله يا أحمد !
فلما عُرضتُ على السّوط في اليوم التالي جعلتُ أتذكّر كلامه فأصبرُ !

Comments

Popular Posts