خطبة 01

واعلموا أيها المؤمنون أنه لن تستقيمَ لكم عبادةٌ صحيحةٌ، ولا تقوى نافعةٌ، إلا بالعلمِ الشرعيِّ. 

فعلمُ الكتابِ والسنةِ أفضلُ ما اكتسبته النفوسُ، وعمرت به القلوبُ، وشغلت به الأوقاتُ، فبه يرفعُ الله أقواماً ويضع آخرين، قال اللهُ تعالى:﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾

فعلم الكتابِ والسنة حياةُ القلوبِ ونورُ البصائرِ وشفاءُ الصدورِ، وميزانُ توزنُ به الرجالُ والأقوالُ والأعمالُ، به يتمكَّنُ العبدُ من تحقيقِ العبوديةِ للهِ الواحد الديانِ، مذاكرتُه تسبيحٌ، والبحث عنه جهادٌ، وطلبُه قربةٌ، وبذله صدقةٌ، ودراسته تعدل الصيامَ والقيامَ. 

قال الإمام أحمد رحمه الله:"الناسُ إلى العلمِ أحوجُ منهم إلى الطعامِ والشرابِ، فالرجلُ يحتاجُ إلى الطعامِ والشرابِ مرةً أو مرتين، وحاجته إلى العلمِ بعددِ أنفاسِه".

أيها المؤمنون.

إن أمتَنا اليومَ هي أشدُّ ما تكونُ حاجةً إلى العلمِ الصحيحِ، المبنيِّ على الكتابِ والسنةِ، إلى العلماءِ الراسخين، الذين هم أركانُ الشريعةِ وأمناءُ اللهِ من خلقِه، والواسطةُ بينَ الأمةِ ونبيِّها  صلى الله عليه وسلم ، الذين يبلِّغون رسالاتِ الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا اللهَ.

فعليكم، أمةَ السنةِ والقرآنِ، أن تشمروا عن سواعدِ الجدِّ والاجتهادِ، وتهجروا السِّنَةَ والرِّقادَ 
لإقامة علمي الدنيا والآخرةِ، وتعزيز ميراثِ النبوةِ وتَرِكةِ النبي المصطفى محمد  صلى الله عليه وسلم، واطلبوها من مظانِها واجتهدوا في تحصيلِها اللياليَ والأيامَ، وابذلوا في سبيلِ ذلك الأنفسَ والأموالَ، فإن العلمَ من الجهادِ في سبيلِ اللهِ، أخلِصوا للهِ سبحانه وتعالى نياتِكم، فإن اللهَ لا يقبلُ من العمَلِ إلا ما كان خالصاً

فيا بشرى ويا طوبى ويا سعادةَ من اشتغل بالعلمِ الشرعيِّ تحصيلاً وطلباً، وعلماً وعملاً، وتبليغاً وتعليماً، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الألْبَابِ﴾. 

فجعلنا الله تعالى وإياكم من العابدين العالمين ومن عباده الشاكرين إنه لا يضيع أجر المحسنين

Comments

Popular Posts