خطبة 07

إن القلب ملك الجوارح.. فهو أهم ما يجب الاعتناء به، وللقلوب صدأٌ لا يجلوه إلا ذكر الله، ولها أقفالٌ مفتاحها لهج اللسان بحمده، وإدامة العبد لشكره، فالذكر جنة الله في أرضه، من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة..

فهو قوت قلوب القوم الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبورًا، وعمارة ديارهم التي إذا تعطلت عنه صارت بورًا، وهو سلاحهم الذي يقاتلون به قطاع الطريق، وماؤهم الذي يطفئون به نار الحريق..

عباد الله، الذكر يوصل الذاكر إلى المذكور.. وهو باب عظيم مفتوح بين العبد وربه ما لم يغلقه العبد بغفلته، ولقد امتدح الله عباده المؤمنين الذاكرين فقال: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 190، 191]

إخوة الإيمان، إن للذكر فوائدَ عظيمة، يضيق المقام عن إحصائها..

منها: أنه يورث الذاكرَ القربَ من الله، فعلى قدر ذكره لله عز وجل يكون قربه منه..

ومنها: أنه يورثه حياة القلب وهو قوته، فإذا فقده العبد صار بمنـزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته..

ومنها: أن دوام ذكر الله يوجب الأمان من نسيانه، فلا يشقى العبد في معاشه ومعاده..

ومنها: أنه لما كان الذكر متيسرًا للعبد في جميع الأوقات والأحوال، فإن الذاكر حتى وهو مستلقٍ على فراشه يسبق في الفضل والخير القائمَ الغافل..

ومن فوائده أنه مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال الله تعالى العبد يوم الحر الأكبر في ظل عرشه..

ومنها: أنه يحط الخطايا ويذهبها..

وأنه سدٌ بين العبد وبين جهنم - والعياذ بالله ـ، فإذا كان ذِكرًا دائمًا محكمًا، كان سدًا محكمًا لا منفذ فيه، وإلا فبحسبه،  فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذوا جُنتكم)) قالوا: يا رسول الله، أمن عدو حاضر؟ قال: ((لا، ولكن جُنتكم من النار، قولوا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة معقبات مجنِّبات، وهنَّ الباقيات الصالحات))