خطبة 16


أيها المؤمنون: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« إنما الأعمال بالنيات» وقد بين العلماء فضل هذا الحديث فقال إنه ثلث الإسلام.

وقال الإمام البخاري: ليس في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة من هذا الحديث. قال تعالى: (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن)

عباد الله: وللمسلم أن يستثمر هذا الحديث في نيل الأجر والثواب في الكثير من مجالات حياته، لأن المباحات والعادات تتحول بإخلاص الوجه لله وصدق النوايا إلى طاعات وعبادات، يؤجر عليها المسلم، فإذا أكلت أو شربت أو نمت بنية أن تتقوى على طاعة الله تعالى فأنت مأجور، وإذا ذهبت إلى عملك بنية أن تتعفف عن السؤال، وتكتسب الحلال، وتخدم وطنك وأهلك فأنت مأجور، بل إنك إن لاطفت أولادك، وأحسنت معاملة أهلك بنية برهم والحفاظ على استقرار الأسرة وتماسكها فأنت مأجور، والزوجة إذا أحسنت رعاية زوجها وأسرتها بنية التقرب إلى الله تعالى فهي مأجورة، وطالب العلم إذا حرص على تحصيل العلم بنية أن ينفع نفسه ومجتمعه ووطنه فهو مأجور.

قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي.

ومن فضل الله تعالى علينا أنه تعبدنا بحسن النوايا، فللمرء أن يروض نفسه على حسن النية في كل مجال حياته فينال الأجر والثواب.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل. وعبد رزقه الله علما، ولم يرزقه مالا، فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء. وعبد رزقه الله مالا، ولم يرزقه علما، فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل. وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء» وفي الحديث دلالة على أن المرء ينال أعلى المراتب بالنية الصالحة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة». فانظروا يا عباد الله كيف عد مجرد النية للعمل الصالح ثوابا، وضاعفه بأداء العمل الصالح.  

فأصلح الله لنا نياتنا، وسدد أقوالنا وأعمالنا، ووفقنا لطاعته وطاعة من أمرنا بطاعته..

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

Comments

Popular Posts