خطبة 14

الحمد لله الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد اﻷقصى - وعرج به الى السماوات العلى - ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى - فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى - فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى - ما زاغ البصر وما طغى - لقد رأى من آيات ربه الكبرى..

 أيها الأخوة الكرام. إن من أجلِّ دروس الإسراء والمعراج أن الله تعالى كرم النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعروج إليه لينال به أعلى درجات القربات، وكرّم أمته بأن فرض عليها الصلوات، لتكون معراجهم إلى رب الأرض والسموات، لقد فرضت الصلاة التي هي من أجلّ القربات، وحياً مباشراً، والنبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، بعد أن دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى. 
 أيها الأخوة الكرام، إن الصلاة هي الفرض الوحيد الذي لا يسقط بحال، يسقط الحج عن المريض والفقير، وتسقط الزكاة عن الفقير، ويسقط الصيام عن المريض والمسافر، والشهادة تؤدى مرة واحدة، أما الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال فهو الصلاة

فالصلاة هي ميراث الإسراء والمعراج . 
فمن حافظ عليها بوضوئها وأوقاتها وخشوعها عَرجت الى ربها بيضاء تتﻷلؤ نورا وتدعو لصاحبها حفظك الله كما حفظتني.
والويل كل الويل لمن قالت له ضيعك الله كما ضيعتني.

فالصلاة عماد الدين، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين، ومن تركها فقد هدم الدين.

والصلاة يرقى بها المؤمن من حال إلى حال، ومن منزلة إلى منزلة، ومن مقام إلى مقام،  إنها ترقى بالمصلي من عالم المادة إلى عالم القيم، من عالم الأوهام إلى عالم الحقائق، من سفاسف الأمور إلى معاليها، من مرتبة مدافعة التدني إلى مرتبة متابعة الترقي، من التمرغ في وحول الشهوات إلى التقلب في جنات القربات. 
 أيها الأخوة الكرام، هذه الصلاة التي نصليها كل يوم خمس مرات إنها جوهر الدين إنها قبل كل شيء ذكر لله عز وجل، بدليل الآية الكريمة:
﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾
فحافظوا على الصلاة والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين

Comments

Popular Posts