خطبة 06


ففي العاشر من الهجرة خرج النبي مع جمع من الصحابة لأداء فريضة الحج. وفي صعيد عرفات قام خطيبا بخطبة تعد ببلاغة كلماتها وفصاحة ألفاظها وغنى مضامينها من جوامع الكلم. 

فهي تعد أعظم وثيقة تاريخية في الحقوق الإنسانية بغض النظر عن دينه أو معتقده أو لونه أو جنسه. 

ويأتي في مقدمة هذه الحقوق حق الحياة. حيث يقول صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. فلا يحل لإنسان أن يعتدي على أخيه بأي نوع من أنواع الاعتداء. أو يؤذيه بأي نوع من أنواع الإيذاء. 

فقد حرم الإسلام دماء الآخرين وأموالهم وأعراضهم فقال نبي السلام: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.

وعندما حرم قتل النفس لم يُحرِّم قتل النفس المؤمنة فحسب. إنما قال تعالى: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا. وإن الإسلام نهى عن مجرد التخويف والترويع والاعتداء حتى على غير المسلمين ممن لهم عهد وذمة وشدد علي ذلك تأسيسا لمبدأ التعايش السلمي بين البشر فقال صلى الله عليه وسلم: من قتل معاهدا لم يَرَح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرت أربعين عاما. 

كما دعا في خطبة الوداع إلى حماية الأموال وصيانتها وحرم الاعتداء عليها غصبا أو سرقة أو احتيالا. يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا - وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا -

 ومن المبادئ التي أرست قواعدَها خطبةُ الوداع حرمة انتهاك الأعراض واستباحتها بالقيل والقال والغيبة والنميمة والظن والبهتان. لذا جمع الرسول يين حرمة الدم والمال والعرض في سياق واحد. فقد صان الأعراض وحرم الإعتداء عليها بالإيذاء أو النظر أو القذف أو السخرية والهمز واللمز أوالتعيير أو الانتقاص 

كما دعى النبي إلى مبدأ المساواة بين جميع أفراد الأمة. وهو مبدأ شرعي أصيل وقيمة إنسانية راقية تحقق التوازن في المجتمع. فاذا انتهك هذا المبدأ عمت الأمة الفوضى وحل الهلاك. حين قال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلا لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ ، وَلا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ ، وَلا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ إِلا بِتَقْوَى اللَّهِ.

 ومن المبادئ التي أكد عليها  حسن المعاشرة بين الزوجين. مبينا ما للمرأة من حقوق وما عليها من واجبات. فبالحقوق المتكافئة والواجبات يستقيم أمر الفرد والمجتمع. فلو أن كل إنسان أدى الذي عليه علي الوجه الذي يريد أن يحصل به على حقه لاستقامت الأمور مما يؤدي إلى الراحة والطمأنينة والاسقرار.

Comments

Popular Posts