۞ مـــوازنــات البردة ۞


۞ مـــوازنــات البردة ۞
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بردة السيد محمد الشريف الحسني حفظه الله :

مِنْ نورِ مجلى العَمُوتِ مُحْيِّيَ العَدَمِ ** كلُّ المراتبِ في بِـشْرٍ وفي كرم
قدْ أَسْفَرَ الوَجْهُ يجلُو الـسِرَّ مُلْتَبِساً ** لِيَّلاَ تَسْطُو جديداً كَرَّةُ العَدَمِ
بُعَيدَ طَمْسٍ ودَمْسٍ شَمْسُهُ انْفَجَرَتْ ** وسِرُّهُ ههناك لازمُ الغَسَمِ
حَنَادِسٌ دُحْمِسَتْ كَنّاً بمكْمَنِهِ ** ولم تَزلْ تُحتَلَكْ في كُنْهِهِ البَهِمِ
بَطْنٌ إلى مَبْطَنٍ مَرْقاهُ في الأَزَلِ ** ظَهْرٌ على مَظْهَرٍ في نَزْلَةٍ تَدُمِ
نورٌ بَدا حَيَّر الأسرارَ في الأُفُقِ ** كالشّمسِ شارِقةً والكلُّ كالظُّلَمِ
مِنْ دونِهِ حُجُبٌ كالشُّهْبِ فاتِكَةٌ ** سَبعِينَ ألفٍ مِنَ الإشعاعِ مُضْطَرِمِ
إنْ كانَ حَوْطُ الحروفِ مُحْجِماً سَلَماً ** ولا مَدًا يَعْتَرِيها كيفَ بالكَلِمِ
أَعْجِّزْ بها نقطةٌ لم يُفْتَتَقْ رِتْقُها ** وإنّما نَزَلَتْ بالوَصْفِ تَرْتَسِمِ
فكونُهُ بَونُهُ وظَهْرُهُ بَطْنُهُ ** بِذَا وذا هُوَ في لَبْسٍ وفي كَتَمِ
هَوِيَّةُ الكُنْهِ مِنْ إِبهامِ مُضْمَرِهِ ** كالطَسْمِ رَقماً لها وصَوْناً كالحَرَمِ
إعجازُهُ رَمْزُ مَاللذَاتِ مِنْ عِزَّةٍ ** فآيُهُ أُمِّيَّاتُ الأَيْدِيْ والقَدَمِ
وَاشْتَدَّ إِبهامُهُ لِغَوْرِ إطلاقِهِ ** كمِثْلِ مَهْمهَة الهاهُوتِ في الأُشُمِ
مُزَّمِّلٌ بالعَما مُدَّثِّرٌ بالأنا ** أيُرْتَجى دَرْكُ مَن بالسُّبْحِ مُلْتَثِمِ
مالـسّرُّ مالجُّبُّ مالرَّقيمُ مالحُجُبُ ** وَكَهفُهُ مَصْدَفُ الكُنوزِ مِنْ قِدَمِ
فحَـضرَةُ القُدْسِ مِنْ غُيُوبِهِ ارْتَقَمَتْ ** بَلْ هِيَ غَيضٌ مِنْ فَيضِ بَحرِه الغِطَمِ
والنُّورُ والمجْلى والإنزالُ والأَثَرُ ** إلاَّ وَمِيضٌ بدا مِنْ وَجْهِ ذي الكَرَمِ
سَلِ الأَنَا سِرَّهُ لهُوَ مِنْ هُوِّهَا ** فهِيَّ مَجْلاً وللسُّلطانِ كالحَشَمِ
وَسَلْ مَقاعِدَ عِزِّ أَهلِ حَضْرَتِهِ ** هَلْ عندَكُم خِبرةٌ تَهْدِينا للقِمَمِ
تُنْبِيك صادِمَةُ الأسماءِ في الأُفُقِ ** والكونُ دُونَها في الإِمْكانِ كالرِّمَمِ
أعْمَى العَمَا كيفَ سِرُّ الـسّرِّ يُجْلَى لنَا ** لوِ انْجَلَى لانْمَحَتْ أَنِيَّةُ الرُّسُمِ
غيبُ الغيوبِ فأهلُ الغيبِ هُمْ مَعَهُ ** كنافخٍ في السَّمَا مِنْ أَرْضِهِ بالفَمِ
أيُدْرِكُوا سِدْرَةَ المَنْهَى ومَحْتِدَهُمْ ** بلْ إنَّ إدرَاكَهُمْ له مِنَ النِّعَمِ
سَوابِقُ العَزْمِ رُخِّصَتْ عَزائِمُها ** أَضْنَاهُمُ البَّرُ كيفَ بالمحيطِ الطَّمِ
لا خُبْرَ عنْ بادِ بادٍ عَزَّ مَبْدَئُهُ ** فأنّى أنّى لهُمْ نِهايةُ القَدَمِ
سبحانَهُ وَهْوَ في العَما يُنازِلُنَا ** قَدْرَ القوابِلِ مِنَّا كَيْلاَ نَنْحَسِمِ
لو لمعةٌ بَرَقَتْ لاَنْدَكَّ منها الورى ** وأَبْطَلَتْ عَالَمَ الإِمكانِ والحِكَمِ
كَبِّرْهُ عن كونِنَا وَاعْجِبْ بِهِ بَيْنَنَا ** فالجُزءُ حينَ تَجَلّي الكلِّ لَنْ يَقُمِ
ونَزِهَنْهُ عَنِ التَّوْصِيفِ و النُّزُلِ ** والحدِّ والنِدِّ والتَّقْيِّيْدِ واللُّزُمِ
عَظِّمْ بِهِ الذَّاتَ إنْ رُمْتَ الشُّهُودَ لَهَا ** تَرَى العَيَانَ بِلا شِرْكٍ ولاظُلَمِ
فالعينُ للبَينِ لاتُبْقِي ولاتَذَرُ ** والوَجْهُ منهُ مِثالٌ دَلَّ كالعَلَمِ
فالسيرُ فيهِ بِهِ مِن نُورِ أعتابهِ ** والمنتهى حَضْرَةُ الإيَّابِ للخَدَمِ
والرُّسْلُ فيها عبيدٌ سادَةٌ للورى ** مابالُ مَنْ هُمْ مِنْ دُونِ هذهِ القَدَمِ
فمن قديمٍ وهُمْ رُضّاعُ أسراره ** لم يَرْتَوُوا كيفَ والاَسْماءُ لم تُفْطَمِ
أَعْظِمْ بِهِمْ مَسْلَكًا عُنْوانُ ساقيِّهِمْ ** واعْجِزْ بهِمَتِهِمْ وَاقدِسْ بِنَهْمِهِمِ
لم يَبرَحُوا بُرْهَةً أَعتابَ حَضرتِـهِ ** حاشاهُمُ وهُمُ الأقطابُ للقِسَمِ
والهائِمُونَ الكُرُوبيونَ ما وَلَهُوا ** إلاّ بتقديسِهِ ألبابُهُمْ تَهِمِ
طاشُوا بِبَرقٍ لهُ فكيف إنْ رَعَدَ ** لاَنْهَدَّ طَوْرُ الأَنَا فَضْلاً عنِ السَّدَمِ
فالحجْبُ مِن سُبُّحَات وجهِهِ بَرَقَتْ ** منهُ اسْتَدارَتْ على الأكوانِ بالعِصَمِ
وما السّماءُ بمنْ فيها ومَن فَوقَها ** والعرشُ لمّا اسْتَوى عليه لمْ يَقُمِ
ونونُهُ تَحوِي أسرارَ القَضَا والقَدَرْ ** واللّوحُ تَسْتَمْلِي مِنْ عَلْيَاهُ بالقَلَمِ
فالأمرُ ماشاءَهُ بِكُنْ يَكُونُ بِهِ ** والخلقُ منهُ لهُ يحيَونَ في خِدَمِ
لوْ زالَ إمدادُهُ في لحظَةٍ فالفَنَا ** كَوْنٌ بِلا نُورِهِ ضِفْهُ إلى العَدَمِ
فـسرُّهُ كامِنٌ سَارِي لَطِيفٌ خَفِي ** يَسْقِي الورى كلَّهُمْ بالكلِّ للرَّحِمِ
مِنْ قُرْءهِ ارْتَقَمَ القُرآنُ مُرتَتِقاً ** ومنه فرقانُهُ بالفَتْقِ يَنْتَجِمِ
وهذهِ بُكرَةُ الجِنَانِ لمْ تُفْتَضَضْ ** وإنّما هنّ بعضُ البعضِ في الكَرَمِ
والرَّقَّا ما دونَ مَرْقاهُ لقَدِ اتَّقَى ** وسِدرَةُ المنتهى انْتَهَتْ عنِ القَحَمِ
يَسْبَحْنَ في نُورِهِ كالذَرِّ في فَلَكٍ ** منهُ بِهِ فيهِ بَلْ وَسائِرُ الأُمَمِ
عوالمٌ قدْ عَلَتْ بِهِ لِنَشْهَدَهُ ** لَمَّا نراها نَقُلْ سُبحانَ ذِي العِظَمِ
وهكذا كلُّ ما سَيَبْدُوا من أَثَرٍ ** ليسُوا سِوَاهُ كأجزاءٍ منَ القِسَمِ
آبادُنا لحظةٌ منْ دَهْرِهِ الأَزَلِي ** كقَطْرَةٍ منْ مُحيطِ بحرِهِ الجَمِمِ
فأيُّمَا نزْلَةٍ يَحلُّها جَلَلٌ ** قدْ أَعجزَ الكلَّ في نزولِهِ الفَحِمِ
نوامسُ الجبروتِ طَرْزُ أعلامِهِ ** وسُرْدُقُ العِزِّ دُونَ مَجْدِهِ يرْتَمي
فالفَخْرُ أعتابُهُ وإلاَّ لاَ كَرَمٌ ** والمُلْكُ خِدْمَتُهُ إنْ رُمْتَ تَقْتَرِمِ
ونَعْلُهُ رَفْرَفُ المعراجِ والإِدِّنَا ** هَا دُونَكَ المجدُ فالتَثِمْهَا تَسْتَلِمِ
جمالُهُ اعْشِقْ بِهِ إذْ للعوالي سَبَى* وَهُوَ عَينُ البَهَاءِ السّارِي في النَّسَمِ
وعزُّهُ ارْهَبْ بِهِ فالنّارُ كالقَبَسِ ** بَلْ سَطْوَةُ الحُجْبِ مِنْ حُمَّاهُ تَصْطَلِمِ
أمّا الكمالُ بِهِ فاعجِزْ وعَظِّمْ وحِرْ ** فَدَوْلَةُ العَظَمُوتِ القُدْسِيْ كالخَدَمِ
دَعْ عَنكَ قِيلَ رَوَى فَسِرُّهُ اسْتَتَرَى ** وحَتّى نُورُ العُلُومِ في الحضِيضِ عَمِ
أَتُدْرَى غايَةُ مَنْ لازالَ مُرْتَقِيًّا ** تَحَقُقًا مُطْلَقًا بِقَدَمِ القِدَمِ
فالُّبُّ في غَيَبٍ والكشفُ في حَجَبٍ ** والسَّمعُ في صَمَمٍ والنُّطْقُ في بَكَمٍ
والرُّوحُ والـسّرُّ في تِيهٍ وفي وَلَهٍ ** والوَصْلُ كالفَصْلِ في لَجْمٍ وفي أَجَمِ
فالكلُّ يَنْظُرُ لكنْ لا بَصيرَ بهِ ** سَيَّانَ مَشْهَدُهُ وحالَةُ العَدَمِ
نوَازِلُ النُّورِ أُلْبِسَتْ لِنَلْحَظَهُ ** إلاَّهَا لانْصَدَعَ الإمكانُ بالصَّدَمِ
أَوْلَى بآثارِهِ ضَلالةٌ دُونَهُ ** فالقَصُّ لا يَهْدِي عندَ غَيبَةِ القَدَمِ
ليسَ كمثلِهِ شيءٌ عَزَّ بارِئُهُ ** تَأَحَّدَتْ ذاتُهُ مِنْ دُونِ مُزْدَحَمِ
أمَا ولاغايةٌ للقَدْرِ لا مُنْتَهى ** إذًا فقُلْ عَجْزُنا عَينٌ لِدَرْكِ العَمِ
لكنَّهُ وَهْوَ في العُلَى لهُ نُزُلٌ ** إعجَبْ بإطْلاقِهِ الذاتيِّ يَعْتَلِمِ
له استواءٌ على أهلِ الوِدادِ لهُ ** تعالى مَنْزِلُهُ عَزَّ وَجَلَّ حَمِ
أهلُ الشُّهودِ لهُ قدْ شاهَدُوهُ بِهِ ** مِنْ بعدِ ما اتَّحَدُوا قدْ صارُوا كالحُرُمِ
بقَدْرِ عِرفانِهِ تَسَامَتِ الرُّتُبُ ** فالعارفُونَ بِهِ أَدْرَى بربِّهِمِ
لسْتَ تَرَى عارِفًا إلاّ بِهِ أَوَلاً ** وإلاّ فارْمِهِ بالتَّسْفِيهِ وَاتَّهِمِ
دِلالَةُ الرُّسْلِ عنهُ كَيما نَعْرِفَهُ ** لأنَّهُ العلَّةُ الأخفَى لبَعْثِهِمِ
ما غايَةُ النَثرِ للدُّرِّ المكنَّزِ بِه ** إلاَّ التَّعَرُفَ عنْ مَقامِهِ الشَمِمِ
فاعْلِقْ بِهِ كيما تَفْنَى فيهِ مُتَّحِدًا ** فتَبْقَى عنهُ لهُ بالعَينِ تَتَّسِمِ
فتَشْهَدَ العينَ لا بَينٌ هناك يَذُدْ ** إنَّ التَّعَلُقَ نورٌ يَهْدِي كلَّ عَمِ
بنُورِهِ اشْهَدْ مُعَمَّاهُ إذا ما اجتلى ** فلَن يَرَاهُ سِوَاهُ بَلْ ولَمْ يَحُمِ
غَيْهُوبَةٌ بُرْقِعَتْ صَوْنًا لأَرْوَاحِنَا ** أمَّا هُناكَ فبالكُثبانِ نَعْتَصِمِ
لولاَ تَدَلِّيْهِ في تَرْكِيزِ مَشْهَدِهِ ** كُنَّا بِصُوْرِيِّهِ نَفْنَا ونَصْطَلِمِ
النُّورُ يُحْرِقُنَا والـسّرُّ يُغْرِقُنَا ** فإنّا في الفَرْقِ لن نَشُّمْ ولن نَشِمِ
عَيْنِيَّةٌ قُدِّسَتْ فالبَيْنُ أَيْنَ يَبِنْ ** وخَلْوَةُ الجَمْعِ في عَمًى وفي صَمَمِ
وليس كَوْنُ الأَثَرْ بالَّذْ يُفَرِّقُهْ ** فوَصْلُهُ الأَزَلِيُّ غيرُ مُنْخَرِمِ
مِنْ يَومِ لا يومٍ امْتَدَّتْ عَلاقَتُهُ ** بالذّاتِ مَوْصُولَةٌ لَمْ تُقْلَى مِن قِدَمِ
فلاَ لَهَا غَيرُهُ بلْ لاَ لَهُ غَيْرُهَا ** تَوَحَّدَتْ وَمِنَ الآزالِ لمْ تُفْصَمِ
ونَقْلَةُ الجِسْمِ للرَّفِيقِ أَبْـصِرْ بِها ** تَهْدِي إلى كنزِهِ المدفُونِ فاغْتَنِمِ
بِكْرُ التَّجَلِّي ولاَزِمُ الوجودُ لنا ** خالٍ عنِ الكلِّ في مَهَامِهِ اليُتُمِ
تَجلَّى مولِدُهُ عنْ سِرِّ مَبْدَئِهِ ** الأُمُّ فاضَتْ علينا منهُ بالنِّعَمِ
ومِنَّةُ الذّاتِ لَيْسَتْ كالصِّفاتِ فَقُلْ ** بُـشرى لنا جَمْعُهُ الأمِّيُّ للأُمَمِ
قِفْ يا قَلَمْ وَانْطَوِي يَا أيُّها الوَرَقُ ** فمَدْحُهُ أَعْجَزَ اللَّوْحَ مَعَ القَلَمِ
فإنّما قَصْدُنا وإنْ أَسَأْنَا بِهِ ** الرَّوْحُ للرُّوحِ والإِيْقاظِ للهِمَمِ
سُبحانَ ربِّكَ عن وَصْفٍ مِنَ الحَدَثِ ** فليسَ يَدْرِيكَ غَيرُ وَاجِبُ القِدَمِ
غُفرانَ ربِّكَ مِنْ تَجَرُئي سيّدِي ** فأنتَ فوقَ الذي نُـفْشِي ونَرْتَقِمِ
حَمدًا لربِّك يا مُمِدَّ هذا لنَا ** ولَسْنَا أهْلاً فحقًّا أنتَ ذُوالكَرَمِ
يا مُستوى نَزْلَةِ الهُوَّ وطَورِ العَما ** يا مَن تَفَضَّلْتَ بالتَدَلّي في فَخَمِ
يا مجلى عَينِيةِ الذّاتِ التي اكِتَنزَتْ ** أَفِضْ بِوَصْلٍ وذاك غايَةُ الهِمَمِ
بدَوْلَةِ الرُّسْلِ مَنْ تَعَنْوَنُوا للورى ** ودَوْرِ أَمْلاَكِكَ المعَلَى بالخَدَمِ
وسرِّ فاطِمَةِ الجَلالِ والدُّرَرِ ** ونُورِصَحْبِ التَّنَزُلاتِ كلِّهِمِ
وجاهِ كلِّ وَلِيٍّ حتّى لحْظَتِنَا ** وَوَجْهِ غَوْثِ البرايَا خاتِمِ الكَلِمِ

Comments

Popular Posts